حكم الاستغفار الجماعي

كتابة: مريم - آخر تحديث: 1 يونيو 2021
حكم الاستغفار الجماعي

حكم الاستغفار الجماعي من الأحكام التي يرغب في معرفتها الكثير من الأشخاص، حيث للاستغفار فضل كبير وعظيم، ويستعين به كل مسلم دائمًا، سواء لفك كرب، أو لتسهيل أمر عسير، أو لرجاء الله عز وجل لمغفرة ذنب، وغيره.

حيث جاء في الحديث الشريف ” اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”، وسوف نتناول خلال هذا المقال حكم الاستغفار الجماعي.

حكم الاستغفار الجماعي

اختلفت الآراء حول حكم الاستغفار الجماعي، وسوف نتناول جميع الأحكام والآراء التي طرحت حول هذا الموضوع.

بناءً على ما قيل من قبل دار الإفتاء أن الذكر الجماعي، ورفع الصوت للدعاء والاستغفار من الأمور المستحبة، وحملات الاستغفار التي يتم تنظيمها،

وحث الناس على الدعاء والصيام، مستحب ولا يعتبر بدع، ولكن يمثل تعاون على البر والتقوى،

وأوضحت دائرة الإفتاء بأن يجوز الذكر الجماعي، لأنه من أعظم القربات وأجمل العبادات.

حيث أن البدعة كل ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وكل ما اخترع في الدين، ولكن التعاون على البر يعتبر وسيلة ليس عبادة مقصودة،

وقال ” ابن رجب الحنبلي” أن البدعة هي التي لا يدل عليها أي شيء وليس لها أصل في الشرع.

والعبد هو المستفيد الوحيد من ذكر الله ودعاءه، لأن الاستغفار أحد طرق إعلان العبد عن عبوديته لله عز وجل،

ودائمًا يكون الله في عون عبده ظهيرًا ومستجيبًا،

ويعتبر الذكر والاستغفار أيضًا من أحد أسباب رفع البلاء،

وأُثبت ذلك في عدة نصوص منها: ” اللهم إني أعوذ بك من البرص، والجنون، والجذام، ومن سيئ الأسقام “،

فلو لم يوجد فائدة من الذكر والاستغفار لم يعلمنا إياه رسولنا محمد “صلى الله عليه وسلم”.

وقال علماء دار الإفتاء أن استحباب الجهر بالاستغفار أو بالذكر والدعاء،

سواء لأشخاص يجلسون في جماعة أو منفردين، أو استحباب الإسرار بهما،

يختلف بحسب اختلاف الأشخاص والأحوال، ولا يجوز تخطئة أحدهما أو تبديعه.[1]

اقرأ أيضًا: دعاء اليوم الثاني والعشرين من رمضان المبارك- اللهم بلغنا ليلة القدر

آراء أخري حول حكم الاستغفار الجماعي

رأي العلامة ابن باز رحمه الله:

بأن لا يجوز الجهر بالذكر في صوت جماعي، ولكن يجب أن يذكر كل شخص بنفسه،

وذلك لأن الذكر والاستغفار الجماعي بدعة ليس لها أصل في الشرع.

رأي الشيخ العثيمين رحمه الله:

قال الشيخ العثيمين أن هذا بدعة، لم ترد عن رسول الله “صلى الله عليه وسلم”،

ولكن ورد عن النبي أن يستغفر كل شخص ويذكر لنفسه.

حكم الاستغفار الجماعي وفضله

للاستغفار فضل كبير وعظيم على المسلمين، فهو أحد أبواب الرحمة والعفو من الله سبحانه وتعالى،

ودائمًا ما يحب الله عباده المستغفرين، ومن فضائل الاستغفار:

  1. أنه من أبواب تكفير الذنوب، حيث وعد الله عباده المستغفرين بتخفيف ذنوبهم، ويكون تخفيف الذنوب على حسب مقدره التائب وقدر التوبة الذي يقوم بالاستغفار من أجلها، فيستطيع العبد من خلال باب الاستغفار التوبة وتكفير كل ذنوبه وخطايا، كأنه لم يخطأ قط، ومن الجدير بالإشارة أن يلزم الاستغفار توبة وبعد عن المعصية.
  2. الاستغفار يكون باب للشخص ليدخل الجنة، حيث أعد الله جنة لعباده المستغفرين النادمين على ما ارتكبوا من معاصي وخطايا، وجاء ذلك في قول الله تعالى ” أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ”.
  3. لا ينال أي مستغفر خزي يوم الموقف العظيم (يوم القيامة)، وذلك لأن الاستغفار  يمنع الخزي عن المسلمين المستغفرين، ولا يفضح الله عبده المستغفر أبدًا، ولا يجعله مخزي يوم تتجلي فيه الحقائق، ولكن سوف ينال كل كافر منافق الخزي يوم القيامة.
  4. يجدد الاستغفار الإيمان والتقوى في قلب كل مؤمن، لأن من المعتاد أن العبد كثير الذنوب والخطايا يمكن أن يموت قلبه ويقل إيمانه، لكن إذا استغفر العبد سوف ينشرح قلبه وصدره إلى الإيمان مرة أخرى، وسوف يتوب ويبدأ في الإقلاع عن الخطايا والذنوب، فالاستغفار يمحو السيئات.

اقرأ أيضًا: ما هي صلاة التهجد؟ ما هو الفرق بينها وبين صلاة التراويح؟

الاستغفار في القرآن الكريم

  1. الله سبحانه وتعالى ربط في القرآن الكريم بين الاستغفار، والتوبة، والإيمان، لأن كثرة الإيمان في قلب المؤمن تساعده على الإقلاع عن الذنوب، وتثبت في قلبه الخشية من الله عز وجل، وجاء ذلك في قول الله تعالى ” وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ” وكذلك قال “وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ “.
  2. الاستغفار أحد وسائل زيادة الرزق وحلول البركة، وجاء ذلك في قوله تعالى ” فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا”.
  3. كما أن الاستغفار سبب في نزول المطر، وبالتالي كان رزق وسبب للحياة، ومن الجدير بالإشارة أن يوجد كثير من الذنوب والخطايا قد تمنع أو تأخر رزق قد كتبه الله لك، وجاء ذلك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إنَّ الرجلَ ليُحرَمُ الرزقَ بالذنبِ يصيبُهُ، ولا يردُّ القدرَ إلا الدعاءُ، ولا يزيدُ في العمرِ إلا البرُّ “.
  4. كما أن الاستغفار يساعد في الرحمة من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، وجاء ذلك في قول الله عز وجل ” وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ “.

أدلة عن فضل الاستغفار

ويوجد الكثير من الأدلة التي توضح لنا فضل الاستغفار ومنها:

  • ومن الأدلة ما جاء في قوله تعالى ” فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا “.
  • ” وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ “.
  • ” عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللَّهُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُ “.
  • وهناك دليل آخر وهو ” وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ “.

مواضع الاستغفار في السنة النبوية الشريفة

  1. كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “مَن جلسَ في مجلِسٍ فَكَثرَ فيهِ لغطُهُ، فقالَ قبلَ أن يقومَ من مجلسِهِ ذلِكَ: سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبحمدِكَ، أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا أنتَ أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ، إلَّا غُفِرَ لَهُ ما كانَ في مجلِسِهِ ذلِكَ”.
  2. وعن فاطمة بنت الرسول (رضي الله عنها) حيث قالت: “كانَ إذا دخلَ المسجدَ؛ صلَّى على مُحمَّدٍ وسلَّمَ، وقال: رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج؛ صلى على محمَّد وسلَّم، وقال: رب اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك”
  3. عن أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) قال: “أنَّهُ قالَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أدْعُو به في صَلَاتِي، قالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً، ولَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِن عِندِكَ، وارْحَمْنِي إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ”.[2]

اقرأ أيضًا: دعاء ليلة القدر مكتوب من القرآن الكريم

أفضل أوقات الاستغفار

وقت الأسحار

من أفضل أوقات الاستجابة في الدعاء والاستغفار هو وقت الأسحار، فهو من الأوقات المستحبة لله عز وجل،

وينصح المؤمنين فيه دائمًا بالاستغفار والدعاء والخشوع والتضرع إلى الله، حتى يغفر الله له كل ذنب فعله.

وخص الله عز وجل المستغفرين بهذا الوقت، وكان يذكرهم دائمًا في القرآن الكريم

حيث قال الله الله تعالى ” الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ “.

ويتمثل وقت الأسحار بدايةً من الثلث الأخير من الليل حتى آذان الفجر، وبالتأكيد يختلف توقيت السحر باختلاف فصول السنة،

حيث يطول النهار والليل حسب تقسيمة كل فصل، فعادةً يكون وقت السحر أطول في الشتاء.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أنّ الله عزّ وجلّ ينزل فيه للأرض، ويستجيب دعوات الداعين ويغفر للمستغفرين”.

ملاحظة: يصح الاستغفار والدعاء في أي وقت وأي مكان، حيث يمكن الاستغفار قبل الصلاة وبعدها، وبعد الحج،

وقبل النوم، وعند الاستيقاظ في الصباح، ولكن وقت الأسحار من الأوقات المستحب فيها الخشوع والتضرع إلى الله بالاستغفار والدعاء.

وفي نهاية مقالنا نكون قد تحدثنا عن موضوع حكم الاستغفار الجماعي،

والذي تناولنا فيه الآراء والأحكام التي طرحت حول هذا الموضوع،

مستدلين بالأحاديث والآيات القرآنية التي تثبت فضل الاستغفار، بالإضافة إلى ذكر مواضع الاستغفار التي جاءت في السنة النبوية الشريفة،

وتحدثنا أيضًا عن فضل الاستغفار، وأفضل الأوقات المستحب فيها الاستغفار والدعاء.

المراجع

1854 مشاهدة
error: Content is protected !!